وماذال سؤال الهوية لم يبارح مكانه القديم...يتجدد في
كل الحقب والعهود السياسية طارحا نفسه بقوة في المساجلات الثقافية
والفكرية.....متلبسا كافة اشكال العمل السياسي... قاد البعض الى حمل
السلاح لاعادة تعريف الدولة والمجتمع....البحث عن الذات
السودانية المتشعبة في جذرها العرقي وانتمائها الثقافي.......ذات
تشكلت ايام الاندماج الثقافي العالمي ...حيث بدات الاديان تتمدد حاملة
معها ذاكرة حضارية واطرا ثقافية متباينة...وبدات الشعوب تندمج في
هذا الخضم المتحرك ...فمنها من اثر اخذ الدين وطرد اللغة مثل تركيا
وايران ....ومنها من اخذ الدين واللغة بكل ما تحمله من ذاكرة حضارية
ورموز ثقافية.....وكان السودان واحدا من هذه الدول ..
اضف اليه التدفق السكانى للعرب ..دعاة ....وباحثين عن معاش لهم...
وفارين من اطهاد الدولة .......
هذا الاندماج الباكر خلق اكثر من منبع للشخصية السودانية....ما جعل
البحث عن الذات من القضايا الشائكة التى برزت للسطح مع بزوغ فجر
الدولة الحديثة....
وظلت هذه القضية شايكة ومتفلتة تفلت الشخصية السودانية وزئبقيتها
في انتمائها الثقافي..
وبدات حوارات التاصيل للهوية السودانية تنطلق وتغزو الادب والفن التشكيلي ....
ثم تقمصت الخطاب السياسي.........وكان نتاج هذا الحراك ان خرجت العديد
من الروى ....فمنها ماكان معتدلا ومنها ماكان متطرفا يحاول جر المسالة الي
بيته الخاص..............
فننا التشكيلى وادبنا تمخضاء عن اكثر المدارس اعتدالا في التعاطي مع سوال
الهوية...السودانوية.............الغابة والصحراء ..والعودة الى سنار.........
ممارسات الساسة والحكام ...والاعلام الرسمي لعبا الدور الاكبر في خلط
الاوراق وتشويه الصورة...انحياز الاعلام..وذهاب الدولة شمالا...
وبدات مفردات مثل الاستعلاء والتهميش الثقافي تبرز وتتسلق
الوجدان والفعل....
خلقت ضرب من ردود الفعل النظرية ما جعل اخرون ينحون ذات
المنحى المتطرف ..........الذي ينظر للتمسك بالذات العربية كنوع من
الخزي والعار الثقافي....وبدا هذا الخطاب المتطرف يتلبس بعض الحركات
السياسية..
المسالة ببساطة تكمن في سودانيتنا المحضة وكياننا الثقافي الخاص
كماعون انصهرت فيه اجناس وثقافات واديان مختلفة لتشكل في نهاية
المطاف خلاصة لها نكهتها واستقلاليتها الخاصة..
الوجدان اكبر حامل للهوية ومفصح عنها ....الذهن وتخريجاته النظرية
ربما يغرد بعيدا لترسيخ مصالح او لابراز رد فعل .....التناقض والتصادم
بين الذهنوالوجدان قائم هنا..وهذه حقيقة علميةمفادها ان مكونات
السلوك قد لاتعمل في اتساق دايم...........
الوجدان هنا عنيت به مجمل الميول والشعور الثقافي والانفعالات......
فننا يحمل المزيج العربي والافريقي ينطق بالعربية ويحمل افريقيا ايقاعا
...ويجد رواجا افريقيا واسعا ... ننفعل ونتالم لقتل الفلسطينين..ونتالم
للموت والمعاناة في زيمبابوي والكنغو والصومال